الجمعة، 30 يناير 2015

معلمة تكتشف بعد سنين نتيجة ما فعلته مع طلابها


أنا معلمة لمادة الرياضيات في مدرسة ثانوية. ومن المعروف أن تأقلم الطلاب في المدارس الثانوية عادة ما يكون من الأمور الصعبة بالنسبة إلى العديد منهم، فعادة ما تكثر خلال تلك الفترة أحداث دراماتيكية بين الطلاب ، بصفتي معلمة أحاول دائماً البقاء بعيداً عنها. لكن ذات يوم خلال إحدى حصصي راودني إحساس بأن طلابي يشعرون بالاستياء وعدم الارتياح لسبب من الأسباب ، وكان لذلك الأمر أثراً سلبياً على أداء الطلاب في الصف ، ما اضطرني إلى محاولة معالجته.


طلبت من تلاميذ صفي أن يخرجوا ورقة بيضاء وأن يكتبوا عليها أسماء بقية زملائهم في الصف. ثم طلبت منهم أن يكتبوا بجانب كل اسم أجمل تعليق يمكن أن يكتبوه عن ذلك الزميل أو الزميلة. بقي الطلاب في صمت حتى نهاية الحصة ، وكتب كل منهم تعليقات وعبارات جميلة عن بعضهم البعض ، وعند انتهاء وقت الحصة ، سلّم كل منهم ورقته ثم غادر الصف. 

في تلك الليلة قمت بتخصيص ورقة لكل تلميذ حملت اسمه ودوّنت فيها التعليقات التي كتبها عنه زملاؤه في الصف دون أن أحدد هوية صاحب التعليق. في اليوم التالي وزعت على طلابي اللائحة كلٌ بحسب اسمه. بينما جلس كل طالب يقرأ ما كتبه عنه زملاؤه ، بدأت أرى إمارات الابتسامة تظهر على وجووههم ، حتى أن البعض بدا يهمس لنفسه مستغرباً ما كتبه عنه زملاؤهم من تعليقات لطيفة أو ربما غير مصدق لما يقرأ. 

لاحظتُ بعد ذلك أن الطلاب قد بدوا أكثر انسجاماً مع بعضهم البعض ، فلم أناقش تلك الأوراق معهم منذاك اليوم ، ولم يسألني أحد من الطلاب عنها مرة أخرى. لعلهم ناقشوا الأمر فيما بينهم أو مع ذويهم ، لكن ذلك لم يكن مهماً لأنني اعتبرت أن التمرين قد أدى الهدف المطلوب. 

بعد مرور سنين وسنين ، وردني خبر بأن أحد تلامذتي المفضّلين السابقين ويدعى إيفان قد قتل في العراق ، وأن جنازته كانت في اليوم التالي. طلب والداه مني أن أحاول حضور جنازته التي قرر العديد من زملائه السابقين بالمدرسة حضورها إلى جانب معارفه وعائلته وسكان الحي الذي كان يقيم فيه. 

بعد انتهاء مراسم الجنازة تقدم والدا إيفان نحوي وشكراني على حضوري،  وقالا لي إنهما يريدان مني أن أرى شيئاً. أخرج والد إيفان من جيبه ورقة وقال: لقد عثروا على تلك الورقة مع إيفان عند وفاته. 

دون أن أنظر إلى الورقة ، أيقنت فوراً أي ورقة كانت. تلك الورقة التي كتبت عليها التعليقات الجميلة التي قالها زملاء إيفان عنه في المدرسة. 

قالت لي والدته أشكرك جزيلاً على ما قمت به ، لقد كان إيفان يحفظ تلك الورقة ويقدرها كثيراً. 

اقترب مني زملاء إيفان السابقين في المدرسة ، وأخبروني أنهم مازالوا يحتفظون بتلك الورقة وكم أنهم يقدرونها ، حتى أن سيدة من بينهم كانت تحملها في محفظة نقودها. 

استأذنت الجميع لكي أنصرف بعد انتهاء الجنازة ، ثم جلست أبكي. بكيت من أجل إيفان ، لكنني بكيت أيضاً لأني لم أكن أتصوّر أن تمريناً بسيطاً كهدا في الفصل كان له كل ذلك الأثر الإيجابي في حياة العديد من طلابي. 

والآن صرتُ أقوم بهذا التمرين مع جميع طلابي في الصف كل عام ، كما أشجع زملائي المعلمين أيضاً على القيام بالتمرين نفسه ، وأقترح أن يقوم زملاء أولادكم في المدرسة بالشيء نفسه ، لأنه إذا كان أولادنا سيتعلمون معاً ، فيجب أن يتعلموا كيف يتعايشون بسعادة مع بعضهم البعض أيضاً. 

إعداد وترجمة: حسام مدقه
إذا نالت هذه المقالة إعجابك نرجو دعمنا بزيارة أعلانات الموقع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.