الاثنين، 22 سبتمبر 2014

أجداد وأحفاد كالغرباء

لا شك في أن العلاقة التي تربط الأجداد بالأحفاد علاقة تتسم بالمحبة والاهتمام. غير أنها تضطرب أحياناً بسبب نزاعات عائلية تؤثر سلباً على الأسرة بشكل عام ، وعلى الأجداد والأحفاد بشكل خاص. وينجم عن تلك النزاعات الأسرية انقطاع مُـتعمّد لصلة الرحم يعود إلى أسباب أنانية لا تخدم إلا الوضع النفسي لأصحاب تلك القرارات التي تُتخذ بدون تفكير في تبعاتها النفسية والاجتماعية على العائلة ، إنما تكون إرضاءً لرغبات إنتقامية تؤدي في نهاية المطاف إلى تمزق النسيج الأسري وتفكيك تلك اللبنة الأساسية الأولى للمجتمع.

تحاول منذ عام 1979 مجموعة من الأجداد إدخال تعديل على قانون الأطفال يمنحهم الحق في رؤية أحفادهم ،ويمنح أحفادهم فرصة التواصل والتعامل مع أجدادهم بالشكل الطبيعي الذي تكفله أبسط الحقوق الإنسانية. غير أن تلك الجهود لاقت العديد من العوائق بالرغم من مصادقة نحو 120 شخصية سياسية ،ولم تستطع تلك المجموعة من أن تحقق أية نتيجة ملموسة حتى الآن على صعيد تعديل القانون. الأمر الذي دعاها إلى تغيير نهجها والتوجه إلى الرأي العام من خلال وسائل الإعلام الحديثة لحشد التأييد ورفع درجات التوعية بهذه المشكلة وإدخال التعديل اللازم على ذلك القانون غير المنصف أسوة بعدد من المقاطعات الكندية مثل نيو برونزويك و مانيتوبا و برتيش كولومبيا و كيبك ، والتي مررت السلطات فيها قوانين تمنح بموجبها الأجداد حق زيارة أحفادهم بدون عائق من الوصي على الطفل.


إن انتشار حالات الطلاق وزيادة عدد الأزواج المنفصلين ممن يربون أطفالهم بمفردهم، بالإضافة إلى تدني سن المتزوجين الجدد وافتقادهم إلى التجربة والخبرة في معالجة بعض دقائق الأمور ومشاكل الحياة، يتضح معه أهمية الدور الذي يلعبه الأجداد في الحفاظ على مصلحة العائلة وسلامتها، فهذا الدور بمثابة الجسر الذي تعبر عليه المعرفة والخبرة إلى الجيل الأصغر ، والدعامة النفسية والمادية التي تسهم في أحيان كثيرة في تخفيف آثار المشكلات الاجتماعية. لقد كان الأجداد منذ فجر التاريخ مصدر القيم والاستقرار والخبرة والإرشاد ،ولطالما لجأ إليهم الأصغر سناً طلباً للنصحية والمعرفة.

إلا أن واقع العائلة الذي تعيشه أونتاريو اليوم لا ينصف الأجداد ولا الأحفاد إنما يمدد لإشكالية خطيرة تتمثل في قوننة الفصل بين هذين الجيلين لأسباب تارة تكون مجهولة و تارة أخرى تكون غير منطقية. فهذا القانون المعمول به في أونتاريو يعتبر الأجداد طرفاً ثالثاً قد لا يجوز لهم التواصل مع أحفادهم إذا ما رأى الوصي على الطفل سبباً لذلك ، مهما كان هذا السبب تافهاً، فيمكنه أو يمكنها قطع تلك الصلة بين الجد وحفيدة في أي وقت بدون تفسير أو مبرر.

قصص كثيرة يعيشها ويرويها أجداد حُرموا رؤية أحفادهم ، وأحفاد يشتاقون إلى الارتماء في أحضان أجدادهم ومعانقتهم والاستمتاع بصحبتهم. حكايات كثيرة تملأها تفاصيل مؤلمة يسأل فيها الأجداد أي ذنب اقترفوا ليستحقوا قصاصاً من هذا النوع، ويتساءل فيها الأحفاد لماذا حرموا رؤية أجدادهم. قصص تتغير نهاياتها الحزينة باستعادة اللحمة بين أفراد العائلة الواحدة إما بنبذ الكراهية وتبني فكر منفتح لا يتكل على مبدأ الأنانية ، أو بالجهد الحثيث والعمل على تعديل ذلك القانون بما يخدم مصلحة الأحفاد والأجداد معاً.
فإذا كنتَ عزيزي القارئ جّداً أو جدة أو حفيداً أو حفيدة لمست تلك الكلمات حالك وترى في هذا القانون إجحافاً، فاعلم أنك لست وحدك ،وأن هذه المجموعة من الأجداد والأحفاد لا تألوا جهداً لتعديل هذا القانون، وأنها بحاجة إلى صوتك ليقوى به صوت البقية ويصل إلى مسامع صناع القرار لينال الأجداد والأحفاد أبسط الحقوق الإنسانية الذي تكفله أواصر الدم والقربى.