الأربعاء، 14 يناير 2015

تاريخ أشهر ثلاثة أزرار في لوحة المفاتيح


■ في عام 2013 اعترف بيل غيتس أن مجموعة المفاتيح التي تجمع Ctrl + Alt & Delete كانت بمثابة غلطة تلام عليها شركة أي بي أم. فيما يلي قصة ظهور مجموعة المفاتيح تلك إلى عالم الكمبيوتر.  


David Bradely
في ربيع عام 1981 كان ديفيد برادلي أحد أفراد فريق خاص يعمل في مكتب بأحد الأبنية في مدينة باكو راتون بولاية فلوريدا الأمريكية. كانت مهمة ديفيد تتمثل في مساعدة شركة أي بي أم IBM على صنع كمبيوتر شخصي جديد. وبما أن كلاً من شركتي أبل وراديو شاك كانتا في ذلك الوقت تبيع أجهزة كمبيوتر شخصية صغيرة للمستهلك، فقد دعت الحاجة شركة أي بي أم إلى صنع جهاز كمبيوتر شخصي جديد ، حمل الإسم السري Acorn  ، ورأت الشركة وجوب الاستعجال في الانتهاء من المشروع للاستحواذ على شريحة من السوق من منافسيها. وبذلك وبدلاً من تحديد الإطار الزمني للإنتهاء من المشروع في غضون ما بين ثلاثة إلى خمسة أعوام ، قررت الشركة وجوب إكمال مشروع (إيكورن) خلال عام واحد فقط. 

كانت إحدى الأمور التي وجدها أعضاء فريق البرمجة في مشروع إيكورن مزعجة ، هي أنه كلما واجه الكمبيوتر خطأ في كتابة شيفرة البرنامج ، كان الفريق يضطر إلى إعادة تشغيل النظام كله يدويا ، ما كان يعني إطلاق سلسلة اختبارات خاصة بذاكرة الجهاز تعمل بطريقة آلية ، ما تسبب في إضاعة الكثير من وقت الفريق الثمين. ويقول برادلي إن الفريق كان يضطر في بعض الأيام إلى إعادة تشغيل الجهاز كل خمس دقائق خلال البحث عن حل لمشكلة ما. فكانت تلك الاختبارات البطيئة تدخل المبرمجين في حالة عصبية يكادون أن يفقدوا بسببها رشدهم.  

ولحل تلك المشكلة قام برادلي ببرمجة أمر مختصر على لوحة المفاتيح يتولى إعادة تشغيل النظام على نحو يتجاوز اختبارات الذاكرة الآلية. لم يتوقع برادلي أن يجعل هذا الحل البسيط منه بطلاً في عالم البرمجة ، أو شخصاً يطلب منه أحد المعجبين توقيعه على لوحة مفاتيح خلال إحدى المؤتمرات. وبالتأكيد لم يتنبأ برادلي بأن يتحوّل ذلك الأمر المختصر على لوحة المفاتيح إلى جزء لا يتجزأ من تجربة مستخدم الكمبيوتر. 

انضم برادلي إلى شركة أي بي أم بصفة مبرمج في عام 1975. بحلول عام 1978 بدأ العمل بمشروع Data-master ، وهو من أوائل مشاريع أي بي أم غير الناجحة في صنع كمبيوتر شخصي. كانت تلك الفترة الزمنية من أكثر الأوقات إثارة في عالم التكنولوجيا، حيث بدأت إمكانية الوصول إلى أجهزة الكمبيوتر تزداد سهولة ، كما توفّرت لبرادلي الفرصة ليتمكن من زيادة شعبية تلك الأجهزة. 

في شهر سبتمبر/أيلول من عام 1980 أختير برادلي واحداً من فريق هندسي مؤلف من 12 شخصاً للعمل في مشروع (إكورن). ويقول برادلي إن الفريق الذي انضم إليه تم إقصاؤه عن المقر الرئيسي لأي بي أم في مدينة نيويورك ، مضيفا أن الفريق كلف بعمل التصميم اللازم لمشروع الكمبيوتر الشخصي من الصفر. 

شارك برادلي في جميع أوجه المشروع بدءاً بكتابة مداخل/مخارج البرامج لمعالجة الأخطاء الناجمة عن اللوحات الإلكترونية السلكية. وبعد خمسة أشهر من عمله في المشروع ، ابتكر برادلي برمجمة مجموعة المفاتيح الشهيرة (كنترول وألت وديليت) التي تعطي أمراً مختصراً للكمبيوتر بإعادة تشغيل النظام. وكان هذا الابتكار واحداً من أشياء عديدة على لائحة المهمات التي وضعها برادلي لنفسه. ويقول برادلي إن ذلك الابتكار كان نشاطاً استغرق خمس أو عشر دقائق ، تلاه مئات الأشياء التي كان عليه إنجازها. اختار برادلي تلك المفاتيح حسب موقعها ، معتبراً أن موقع مفتاح ديليت الموجود في الجهة المقابلة من لوحة المفاتيح هو موقع مناسب كيلا يتم الضغط على مجموعة المفاتيح في آن واحد بالخطأ. لم يكن برادلي في ذلك الوقت يتوقع أن تصبح مجموعة المفاتيح هذه متوفرة للمستهلك ، ولم يتوقع أن تصبح جزءاً من لغة الكمبيوتر الشائعة اليوم، بل كان استعمالها حكراً عليه وعلى زملائه المبرمجين الحريصين على عدم إضاعة الوقت.

في نهاية الأمر ، تمكن فريق المبرمجين من إنهاء مشروع (إيكورن) ضمن الوقت المحدد. وفي خريف عام 1981 تم طرح كمبيوتر أي بي أم في الأسواق ، وقد تميز هذا الكمبيوتر بلونه الرمادي الداكن وبشاشة سوداء تظهر عليها حروف مضيئة باللون الأخضر. توقع خبراء التسويق أن تتمكن الشركة من بيع أكثر من 241 ألف جهازاً خلال الأعوام الخمسة الأولى ، وهو الرقم الذي ظن مدراء الشركة إنه تقدير إيجابي مبالغ فيه. لكن مبيعات الشركة من أجهزة أي بي أم بي سي سرعان ما فاجأت الجميع وبلغت مليون جهازاً، استخدمها المستهلكون من كافة الأعمار إما في الألعاب أو في معالجة الملفات وحساب الأرقام. ما ساهم في تغيير عالم الكمبيوتر الذي لم يعد كالسابق بعد ذلك. 

IBM PC
على الرغم من انتشار الكمبيوتر إلا أن قلة من المستهلكين كانوا على دراية بوجود ذلك الأمر المختصر الذي ابتكره برادلي في أجهزتهم. ولم تكن شعبية ذلك الأمر المختصر كبيرة إلا خلال التسعينيات عندما بدأ نجم مايكروسوفت يسطع في عالم الكمبيوتر. فمع تعطل أجهزة الكمبيوتر العاملة بنظام وندوز حول العالم ، وظهور ما بات يعرف بشاشة الموت الزرقاء (Blue Screen of Death)، سرعان ما انتشرت وسيلة المعالجة السريعة تلك من صديق إلى آخر ، تمثلت باستخدام مجموعة المفاتيح الثلاثة في آن واحد لإعادة تشغيل الجهاز. ليتحول ذلك الكود الذي كتبه برادلي إلى إحدى طرق معالجة مشكلات الكمبيوتر ، وهو ما اعتبرته الصحافة الحل المنقذ ومخلص أصحاب الكمبيوتر الشخصي من المآزق الإلكترونية. 

Blue Screen of Death
في عام 2001 احتشد المئات من الزوار في متحف سان خوسيه التقني للإبداع احتفالاً بالذكرى العشرين لكمبيوتر IBM PC. فخلال عقدين من الزمان فقط، تمكنت الشركة من شحن أكثر من 500 مليون جهاز كمبيوتر حول العالم. وخلال حفل عشاء نظم في المتحف حضره رواد صناعة الكمبيوتر ضمن لجنة نقاش مفتوحة شارك فيها بيل غايتس رئيس ومؤسس شركة مايكروسوفت آنذاك ، لم يوجه السؤال الأول عن المفاتيح الثلاثة إلى غايتس بل إلى ديفيد برادلي ، ذلك المبرمج الذي لطالما تفاجأ كيف زادت شعبيته بسبب خمسة دقائق قضاها في صنع ذلك الأمر المختصر ، حيث جاء رد برادلي ممازحاً يقول إنه صحيح كان مبتكر الأمر المختصر لكن الفضل يعود إلى بيل غايتس في جعل ذلك الأمر المختصر أكثر شعبية في استعماله. 

 إعداد وترجمة: حسام مدقه.
إذا أعجبتك المقالة نرجو دعمنا بزيارة إعلانات الموقع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.