الأحد، 26 أكتوبر 2014

هل يستطيع الإفراط في شرب الماء أن يقتلك؟

 أعراض التسمم المائي تشبه إلى حد كبير أعراض التسمم الكحولي
■ في شهر يناير/كانون الثاني من عام 2007 وبعد ساعات قليلة من المشاركة في مسابقة إذاعية للفوز بجهاز ألعاب فيديو "نينتندو وي" ، عُثر على جنيفر ستراينج البالغة من العمر آنذاك ثمانية وعشرين عاماً متوفية داخل بيتها في كاليفورنيا. 

كانت شروط المسابقة الإذاعية التي شاركت فيها ستراينج تقضي بتناول أكبر قدر ممكن من الماء دون الدخول إلى الحمام. ووفقاً لتقرير الطبيب الشرعي بعد تشريح الجثة تبين أن السيدة ستراينج توفيت نتيجة تناول كمية هائلة من الماء بسرعة ، ما تسبب بإصابتها بحالة تُسمى التسمم المائي. 

يحدث التسمم المائي في أبسط صوره عند تناول المرء لكمية هائلة من الماء الذي يتسبب في تخفيف وتمييع كثافة وتركز بقية المغذيات في الجسم إلى درجة لا تستطيع معها تلك المغذيات القيام بوظائفها. 



لربما تبادر إلى سمعك في هذه الحالة ما يعرف باسم إلكترولايت (الإنحلال بالكهرباء) سواء عند الإشارة إلى المشروبات الرياضية، التي توفر السوائل اللازمة بالإضافة إلى الإلكترولايتات التي يحتاجها جسم الرياضي ،  أو إلى حالات معينة مثل الإسهال أو الشره المرضي الذي يتسبب في اختلال الإلكترولايتات بصورة خطرة في الجسم. 

تعتبر الإلكترولايتات أيونات ملحية (ذرات تتمتع بشحنة موجبة وسالبة) تستخدمها الخلايا لنقل السوائل والرسائل العصبية من وإلى الخلايا في أنحاء جسم الإنسان. ودون الإلكترولايتات فإن الجسم يعجز عن أداء وظيفته. من هنا يتسبب التسمم المائي في إحداث خلل في توازن الإلكترولايتات التي تؤثر على كثافة وتركيز أيون الصوديوم ، ما يؤدي إلى الإصابة بحالة الهايبوناترميا وهي نقص الصوديوم في الدم. 

في حالات التسمم المائي يتسبب النقص الحاد في الصوديوم بالدم إلى إصابة المرء بالغيبوبة أو الوفاة. أما إذا أمكن كشفه في مراحله الأولى فإن علاج المريض بمحلولات وسوائل تحتوي على الإلكترولايتات قادر على شفائه تماماً. أما إذا لم تتم معالجته فإنه يؤدي إلى الوفاة بسبب النقص الحاد في الصوديوم بالدم. يعد التسمم المائي أساساً أحد أشكال ذلك النقص الحاد في الصوديوم بالدم ، وهي حالة يمكن أن يتسبب فيها التعرّق المفرط، أو الحروق الشديدة ، وجفاف الجسم لفترات طويلة ، بالإضافة إلى بعض المشكلات التي قد تصيب الكبد والكليتين من بين أمراض وحالات أخرى. 

عند وفاة الإنسان بسبب النقص الحاد للصوديوم في الدم نتيجة للتسمم المائي ، فإن العامل الأول المسبب لتلك الحالة هو الاختلال الحاد في توازن الصوديوم ، والذي يتسبب في أضرار هائلة بالخلية. إن الصوديوم هو أيون ذو شحنة موجبة ، ووظيفته في الجسم تكمن في تدوير السوائل خارج الخلية. لذلك فإن الصوديوم يساعد في تنظيم ضغط الدم وصيانة الإشارات المسؤولة عن العمل الصحيح للعضلات من بين أعضاء أخرى. 

تحافظ الخلايا بشكل نشط على مستوى دقيق من كثافة الصوديوم في الجسم. هذا وتحتوي الخلية في داخلها على عدد أكبر من الإلكترولايتات مقارنة بخارج الخلية حيث توجد مياه أكثر. لكن الخلايا تحافظ على معدلات صحية للصوديوم عبر نقل المياه والإلكترولايتات إلى داخل الخلية وخارجها إما لتمييع أو زيادة مستويات الصوديوم في سوائل الجسم. 

لكن عندما يشرب المرء كمية هائلة من الماء خلال فترة زمنية قصيرة ، ولا يحتوي ذلك الماء على إليكترولايتات إضافية ، فإن نظام صيانة الخلية يفشل في التعامل مع مستوى تمييع الصوديوم الناتج عن تلك الكمية الكبيرة من الماء. نتيجة لذلك تحاول الخلايا بشكل يائس زيادة كثافة الصوديوم في سوائل الجسم بعد تلقيها لتلك الكميات الهائلة من الماء ، حيث تنجح بعض الخلايا في الانتفاخ إلى حد كبير ، بينما تعجز أخرى عن ذلك. فخلايا الدماغ مثلاً تحد الجمجمة من مساحتها وقد ينتهي بها المطاف إلى الانفجار نتيجة لضغط الماء الوارد إلى تلك الخلايا. 

لم يتم حتى الآن تحديد كمية الماء التي يمكن تناولها والتي تؤدي إلى الإصابة بالتسمم المائي ، كما أن تلك الكمية تختلف من شخص لآخر. إن أعراض التسمم المائي تشبه إلى حد كبير أعراض التسمم الكحولي ، حيث تتضمن الشعور بالغثيان وتغيّر الحالة الذهنية بالإضافة إل التقيوء. من الأعراض الأخرى الشعور بالصداع وبضعف في العضلات وتشنجها. أما في الحالات الحادة للتسمم المائي فقد يدخل المريض في غيبوبة أو قد يتوفى بصورة فورية نتيجة لتورّم الدماغ. 

لكن حدوث التسمم المائي يعتبر من الأمور التي يندر حدوثها بين الناس ، غير أنه معروف عند الرياضيين ، ويعتبر حصوله خطراً ممكناً ، وعادة ما يتم اجتنابه بتناول المشروبات الرياضية عوضاً عن الماء خلال التدريبات والمسابقات الرياضية. 

إعداد وترجمة : حسام مدقه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.